Posts

Showing posts from June, 2024

مشروع الثالثة والعشرون - (7) الحب

Image
 الحب... أعتقد أننا لم نتعلم معنى الحب إلا في صورة واحدة، وربما تعلمنا المعنى مشوهًا... ما الذي جال بخاطرك عندما قرأت كلمة الحب؟ دعني أجيب، وإن أخطأت عندك، فربما أصيب عند آخرين غيرك. "الحب للحبيبين، للقصص التي تنشأ بين اثنين يريدان أن يكملوا ما تبقى من عمرهم معًا." الحقيقة التي لم نتعلمها هي أن الحب هو الكثير، حتى في أشكاله ووجوب حدوثه لازم في هذا العالم بأي شكل كان ومع أي شخص، أو كائن حي! الحب الحق هو الذي نعطي ونأخذ فيه، نعطي بصدر رحب، نأخذ بامتنان وراحة. فالحب واجب إنساني قبل كل شيء ودافع لاستمرارية الحياة بعد كل ما نراه في أيامنا. نحن بحاجة إلى الحب لنكمل الطريق وإن ادعينا غير ذلك. الحب يحدث بين الأم وأبنائها، بين التلميذ ومعلمه، بين الزملاء والأصدقاء. الحب يمكن أن يأتيك من كلب يمر بجانبك في طريقك للعمل كل يوم. الحب مثل العمل؛ فالعمل يملأ كيانك والحب يملأ روحك. تصادف كتابتي لهذه الكلمات عيد الحب الروماني، الذي كسر فيه القديس فالنتين قواعد حاكمه وأتاح الزواج للجنود. فالقديس كان يعلم جيدًا أن الحب وحده هو الذي سيجعل الجنود يكملون حروبًا ربما ليسوا على قناعة تامة بدخولها. رغ...

مشروع الثالثة والعشرون - (6) انهيارات صغيرة

Image
  انهيارات صغيرة الانهيارات هي شكل من أشكال تمرد الروح على واقع يدميها. من منا لا يملك الأحاسيس المكتومة التي لا يستطيع أن يجعلها تخرج إلى من حوله، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يتحملها وحده؟ مشاعر تصرخ كل يوم ونقتلها بداخلنا في كل لحظة لتكبر كلما قتلناها، وكأنها تأبى أن تموت. فتدرك أن المشاعر لا يمكن قتلها تمامًا مثل الأفكار. عليك أن تعالجها، وتجعل وقعها أخف على روحك، لكن أن تتجاهلها وتتعامل كأنها لا توجد من الأصل، ذلك شيء مستحيل. مهما ظننت أنك تغلبت على مشاعر قديمة، فأنت هالك في لحظة ما في المستقبل لأن ذاكرتك تحفظ ما تشعر به وتعكسه في سلوكك. هل تصرفاتك اليوم مثلما كانت قبل عام أو مثلما ستكون بعد عام؟ لا أظن ذلك. أنت تظن أن اختلاف عمرك وخبرتك هما العاملان الأساسيان في اختلافك، لكن كتمانك في كل مرة لجزء من روحك يجعلك تتصرف بشكل مختلف عما أنت عليه في الواقع. الصندوق الأسود، ذلك المكان الذي يحتفظ عقلك الباطن فيه بكل ما تتناساه كأنه لم يكن من الأساس. لكن صندوقك يحمله بأدق تفاصيله، وما أن تتشابه المواقف حتى تجد نفسك تتصرف بطريقة هجومية حتى لا تتعرض للمشاعر ذاتها. فتدرك وقتها أنك لست كما ...

مشروع الثالثة والعشرون - (5) الكتابة

Image
 الكتابة  كاتمة أسراري، رفيقة دربي ونافذتي على ذاتي. الأيام الممتلئة بالأحداث، الأيام التي تلتقي فيها الكثيرين، الأوقات التي تمتلئ فيها ذاكرتك بالكثير من التفاصيل، الوجوه، الروائح، الحكايات. تجد ذاكرتك في نهاية الأسبوع تحمل لقطات عديدة: لقرط صديقة، ابتسامة، صوت، نسمة هواء، لحظة امتنان جلست فيها بعد رحلة طويلة. لقطات عديدة قد ترهقك أو تجعلك تبتسم، وأخرى تجعلك تبكي. الذكريات، الحكايات، وتفاصيل يصعب أن تسردها إلى أحدهم، ولا وقت لذلك في وسط سرعة هذه الأيام. وحدها الكتابة تنتشلك من ذلك، تنشلك من صور ذاكرتك والأصوات بداخلها، وحدها الكلمات التي تُكتب بإمكانها أن تقلل من وقع الضوضاء عليك. التدوين هو ما يجعلك تتذكر الأيام اللطيفة، والتفنيد هو ما يجعلك تدرك كل ما حدث، ما يجعلك تفهم من أنت الآن، الطرق التي يجب أن تسلكها، والأمور التي تريد تركها. أعترف بأن الكتابة تجعلني شخصًا أكثر اتزانًا. أعتقد أني من دونها لما وصلت إلى أي شيء مما أنا عليه الآن. كنت سأضيع، سأكون بلا بوصلة أو هوية. الكتابة ما جعلتني أحيى لمرات، كنت فيها على وشك ترك الحياة برمتها. فأنا أكتب كي لا أموت وأكتب كي أحيى. عرفت ...

مشروع الثالثة والعشرون - (4) أسف على الإزعاج

Image
  أسف على الإزعاج لم يقصد أبي أن يزعجني كما لم يقصد المهندس حسن أن يزعج الرئيس! لا نفهم معنى الكثير مما يقوله آباؤنا، ولا نفهم كيف يقيسون الأشياء وما هي المعايير التي تبدو بالنسبة إلينا غريبة، حتى نكبر ونُكيل الأمور مثلهم تمامًا. في الثامنة من عمري، اصطحبني والدي إلى السينما كما كان يفعل كل فترة، ولكن هذه المرة كان الفيلم مختلفًا، كان فيلمًا لأحمد حلمي والذي كنا نعلم جيدًا أنه ليس مثل باقي أفلامه الكوميدية، فاعترضت قبل دخولي الفيلم، ولكن قال لي أبي بأنه فيلم جيد وبأنك ستستمتعين. صدقت والدي! دخلنا إلى قاعة العرض، وأبديت إعجابي بإعلانات لأفلام أخرى ولكن والدي كان عند رأيه، وبدأ الفيلم. لم أفهم الفيلم، كان لدي أسئلة كثيرة ولم أكن أحب أن أقاطع أبي بينما يشاهد الأفلام وكنت أنتظر الفواصل لأسأله، لكن الآن ماذا يا أبي، أنا لا أفهم أي شيء. المعلومة الوحيدة التي عرفتها في الاستراحة أن والد حسن - محمود حميدة ليس حيًا، بينما يتخيله ابنه حسن! احترت أكثر. حينما جاء مشهد أحمد حلمي وهو يكتشف أنه كان يعيش وهمًا، كنت أجهل ما يحدث ولكن تداخل صوت شيرين مع هذا المشهد بالتحديد أدخل على قلبي إحساسًا بالح...

مشروع الثالثة والعشرون - (3) يخيفني الاندماج

Image
  يخيفني الاندماج   كنت متفردة منذ طفولتي وإن كان ذلك رغماً عني، فأصبح الاندماج بكل أشكاله يخيفني ! دعني أسألك أولاً ما الذي يعنيه الاندماج بالنسبة لقاموسك؟ أيًّا كانت إجابتك، فأنا أحترمها وأقدرها. أما عن إجابتي، فهي كالتالي : الاندماج بمعناه الصغير هو الاندماج وسط الآخرين لتصبح واحدًا منهم دون أن يُفرِّقك أحد عنهم. أما الاندماج بمعناه الواسع؛ فهو الانخراط وسط الأفكار، والانفتاح على كل ما ومن حولك، وتقبل كونك منتميًا للآخرين بكل راحة . الاندماج هو أن تكون متصلًا فكريًا وروحيًا وجسديًا مع من حولك، بحيث يصعب على الغريب أن يبرز اختلافك . الاندماج مثل لوحة تحتوي على العديد من الألوان، والخطوط، والأشكال؛ يصعب على من يراها أن يعرف أين بدأت الفرشاة وأين كانت الضربة الأخيرة، ويصعب أن يعرف مزاجية الرسام في كل جزء منها. لكنك في النهاية تراها متناغمة وتصرخ بمعنى واحد قوي وصريح حتى وإن كانت تحمل معاني أخرى صغيرة . الاندماج هو اللوحة الكاملة، على الرغم من تنوع ألوانها وأشكالها، فهي تبدو مترابطة في النهاية . فهل كنت يومًا تنتمي إلى لوحة دون أن تبدو شاذًا فيها؟ أنا أشعر دائمًا أني لا أنت...

مشروع الثالثة والعشرون - (2) التردد

Image
التردد كم مرة ترددت في الكتابة عن نفسي، خوفًا من أن أتعرى أمام الذين أعرفهم، والغريب أنني لم أخف من الذين لا أعرفهم! التردد هو تلك المرحلة التي تسبق كل الأشياء التي لم تجربها قط، متسائلًا: هل سأحب هذا حقًا أم سأندم على ما فعلت؟ الإجابة هي: أنك لن تعلم حقًا إلا إذا خضت التجربة. الإجابة ستكون بهذه البساطة إن أحببت ما قمت به، وبذاك القسوة إن لم تحب! بالطبع يمكن أن نندم، ولنا كامل الحق في ذلك. لكن أي الكفتين تحمل الندم الأكبر؟ على الأرجح، إن لم نخض التجربة الجديدة سنندم فيما بعد أننا لم نسمح لأنفسنا باكتشاف شيء جديد في هذا العالم. وصدقني نحن بحاجة إلى أن نكتشف؛ فالاكتشاف يحيينا ويشكلنا من جديد، ينير دروبنا، ويجعلنا نعرف من نحن. أعتقد بأننا سنندم إذا لم نصل إلى جوهرنا بعيدًا عن ما ورثناه من عادات وتقاليد، وسيرنا في الدروب المرسومة بدقة دون أن نحيد ولو مرة واحدة. فالإنسان بحاجة إلى أن يشذ عن المألوف قليلًا من الوقت حتى لا يجن من فرط القيود التي تعتري إنسانيته. ومن نحن حقًا إذا سرنا طوال الوقت على السيناريو المتوقع؟ ألن يكون ذلك فيلمًا مملًا؟ هل تحب أن ترى فيلمًا تعرف نهايته وتفاصيل أحداثه؟ أ...

مشروع الثالثة والعشرون - (1) الصحراء أرض البداية

Image
 الصحراء أرض البداية..  تشرق الشمس في كل يوم، ولكن شروقها في الصحراء يختلف! هل جربت يومًا الشعور بأنك تختنق وسط العديد من أفكارك أنت وكأن عقلك عدوك، يحاول أن يبتعلك عن طريق استنفاذ طاقة رأسك في الدوران حول افكار لا جدوى منها، تضييع وقتك وأي قدرة للتجارب الحياتية. ربما كان الخوف هو ما يسكن العقل وهو ما يكتف الجسد عن القيام بأي حركة غير مألوفة. قمت بالتخييم في الصحراء البيضاء مع أربعة أشخاص، في مارس من عام 2023. سافرت إلى الصحراء للتحرر من بعض الأفكار التي كانت تسيطر عليّ في ذلك الوقت وتجعلني أشعر أني مقيدة، أني لا أستطيع ممارسة حريتي. عندما صادفت هذه الرحلة، لم أتردد في الانضمام رغم أني لا أنتمي إلى الصحراء، أنا ابنة البحر والشاطئ وكل ما هو ماء. أما الصحراء فلا أنتمي لها، ولكن رغم ذلك كانت الصحراء البيضاء من الأماكن التي أرغب في زيارتها. لا أذكر من اليوم الأول إلا العاصفة، وتفاصيل ضبابية، مثل أطفال من شرق آسيا يلعبون وكأنهم ينتمون إلى الصحراء منذ آلاف السنين أو كأنهم وُلِدوا هنا، سيارات تطفئ أنوارها، وأنا مستلقية تحت النجوم في انتظار الطعام، مجموعة من الأشخاص لا ننتمي لبعضنا ون...