مشروع الثالثة والعشرون - (17) كن صديقي
كن صديقي
إن أردت أن تكون معي العمر بأكمله، فلتكن صديقي.
الأصدقاء تختارهم، لروحهم التي تشبهك، للتشابه بينكم، وللأوقات السعيدة، وحتى للحزن الذي تتشاركه معهم. تختارهم لأجل لا شيء سوى أنك تحبهم حقًا ووجدت الراحة في قربهم، فأنت عونهم وهم سندك.
لكن عندما نكبر، تحدث مشكلة كبرى في الصداقة بين الجنسين، فيصبح الفاصل بين الصديق والحبيب ضعيفًا، فتبدأ بالتوهان، والدوران في دوائر مفرغة، هل أحب هذا الشخص، أم أنني فقط بحاجة إلى صديق مقرب يفعل القليل مما يفعله الحبيب؟
لكن، ككل الحكايات، تبدأ في أول الأمر بالتشابهات الجميلة التي تجعلك تمشي الطرق واثق الخطى وكأنها صُنعت خصيصًا لك، ثم تبدأ في إدراك الاختلافات التي كانت تعجبك، ثم تدرك أن الاختلافات تعني هنا أنك لم تعد تستطيع التعامل معها. إدراك الاختلافات معناه أن تتجاوزها وكأنك لا تراها، الأمر الذي ينتج بعده انفجارات، أو أنك تبدأ في التعامل معها رويدًا رويدًا حتى تصلان معًا إلى أرض حياد. فإما أن تبقيا معًا في حالة من الرضا عمّا وصلتما إليه، أو يترك كل منكما الآخر في عذاب يتبعه سلام، أو يتمسك طرف ويترك الآخر.
ما حدث لنا هو أننا أدركنا الاختلافات وحاولنا التعامل معها، لكننا لم نصل إلى أرض حياد قط، وحتى إن وصلنا، كانت تتغير بسرعة كبيرة. لكننا، ورغم كل هذا التعب الناتج عن التغيرات، لم نستطع أن نترك بعضنا. فاستمررنا سنوات على هذا الوضع: لم نترك، ولم نتجاوز الاختلافات.
إلى أن جاءت الطمّة الكبرى التي غيرت كل شيء. جاءتني الفرصة التي اعتبرتها ذهبية، والتي كانت أحد أحلامي، والتي شجعني هو على صنعها: السفر للخارج حتى أقدّم أفلامًا. وهنا تبلور الاختلاف، وطعننا الاختلاف، وهو ما جعلنا نفترق بحب وكره، بضيق وغضب، بإيمان وسلام أتى بعد الكثير من الزمن.
وأتساءل من وقت لآخر: ماذا لو لم تأتِ الفرصة؟ ماذا لو رفضتها؟ وماذا لو وافق؟ ماذا لو لم يحدث ما حدث؟ لكن في النهاية، حدث ما حدث، فأدركتُ السلام، وأحببتُ قصتنا، ولم أندم يومًا أنني عشتها، ولم أكره أيامي معه، ولم أندم على الأوقات التي حاولنا فيها الوصول إلى أرض الحياد المتغيرة.
كان هو الحياة، ولو لبعض الوقت، وأعطاني الشغف لأصنع الأحلام من جديد وأحققها. كنتُ نتيجة لما تناقشنا فيه، وكنتُ فعلًا لما حلمتُ به، وكان هو الحياة... أو ربما لا يزال الحياة!
Love the balance of dreamy and realism<3
ReplyDeleteThank You
Delete