مشروع الثالثة والعشرون (23) - ماذا يعني أن تتكب؟

 ماذا يعني أن تتكب؟

أن تكتب يعني الا تعيش فعليًا و تعيش الاف المرات!

 


أن تكتب يعني الا تعيش فعليًا لأنك تعيش علي الأوراق في العوالم التي تتخيلها ، في العوالم التي كنت تتمني المرور بها ولكنك أجبن من أن تكون فيها في الواقع فتكتب عنها و كأنك جزء منها. أن تكتب يعني أنك تعيش الذكري الف مرة لانك لا تعيشها في الواقع فقط ولكنك تعيشها الاف المرات علي الأوراق، تكتب ما حدث، و و تتخيل ماذا كان من الممكن أن يحدث لو غيرت جملتك السادسة في الحوار وماذا كان من الممكن أن يتغير لو الطرف الماثل أمامك أتخذ رد فعل اخر.

تكتب ما حدث مرارًا و تكرارًا حتي تسأم أنت القصة داخلك. حتي تموت القصة بالفعل بروحك. وهذا أجمل ما في الكتابة و اقبح ما فيها، فانت تعيش بينما تكتب و تنسي كل شيء بعد أن تكتب و كأن الكتابة تنظف روحك التي حملت الكثير و كأن شيئًا لم يكن فتعود بقلب طفل لم يدنسه الاخرون ولا حتي أفعاله السابقة، تعود خفيفًا كما جئت الى الدنيا.

الكتابة هي الفعل الذي أخرج الصوت المكتوم داخلي حينما ما كان هناك من يسمعني، الكتابة هي الفعل الذي قمت به حين اردت لواقع داخل عقلي أن يتحقق و أنا طفلة لم تكمل التسع سنوات بعد، بالكتابة كنت أصنع عالم مليء بالسلام، العالم الذي كنت أطمح بالعيش فيه.

حينما كنت في مراهقتي بدأت أكتب خواطري التي كنت أخجل من بعضها والافكار التي كنت اخاف أن أنسها حين أكبر. كتبت عن الصداقة و قداسيتها، كتبت عن العالم و الأحلام. كتبت كل نظرياتي التي لم يعد لها وجود الان! كتبت وكتبت حتي توقف كل شيء داخلي..

كتبت حتي توقف العالم عن الدوران داخل عقلي، وروحي. فبدأت أموت رويدًا رويدًا و كان تم استنفاز كل مخزوني من الكلمات، حينها شعرت أن العالم أنتهي، بدأت أكتب بعدها قصص قصيرة لا أعلم ان كانت مجدية ام لا، لكن تعرف هذا الممثل المشهور الذي لم يعد يطلبه المنتجون، فيبدأ بالظهور في أدوار غير قيمة، فقط من أجل أن يستمر في التمثيل، لان هذه مهنته وما يتنفسه، أصبحت أنا هذا الممثل غير المرغوب و لكن رغبته في الثمثيل فاقت كل شيء.

مر عام منذ أن بدات أكتب هذه المشاعر او الخواطر او التدوينات لا أعلم كيف تراها انت الان او كيف تصنفها، لكن لا يهم، اتنمي فقط أن تكون قد استمتعت بها،أتمني لو أنني لم اسرق وقتك، أتمني أن تكون شعرت و أن تعلم أنك لست وحدك من مر بهذا التيه، و ربما لن تكون الأخير.

أنت لست وحدك، نحن كثيرون تائهون، كثيرون نضل الطريق، لكننا لم نتوقف عن البحث، وهذا هو الأهم، لطالما أنك لازلت تبحث داخلك و خارجك لتدرك العالم أكثر فانت علي الطريق الصواب.

من أعلي كرسي صغير في مكتبتي المفضلة، أكتب لك.. عيش حياتك واترك نفسك لتشعر بمشاعر جديدة حتي لو كنت لا تدرك جميعها، يكفيك التجربة، يكفيك أن تحيأ، تمر الحياة ولا يبقي لنا منها سوي الذكريات والمشاعر التي مررنا بها، فحاول أن تحيأ قبل أن تموت.

و اخيرًا لا تخاف الحياة.


15:47
 2024 احد أيام يوليو 

سجى هشام 

Comments

Popular posts from this blog

مشروع الثالثة والعشرون - (15) أعرفه ولا أعرفه!

مشروع الثالثة والعشرون - (14) الغير مناسب في الوقت المناسب

مشروع الثالثة والعشرون - (9) أحلام شريف العشرينية