مشروع الثالثة والعشرون - (10) اقتربوا أكثر مما يلزم

 
اقتربوا أكثر مما يلزم.
الاقتراب يضر.. الاقتراب كالسُم يقتل ببطء
.
 


هل حدث أن اقترب منك أحدهم إلى الحد الذي جعلك لا تستطيع تمييز اختياراتك عن اختياراته بسبب أنك أصبحت تشبهه لحد مرعب؟ هل حدث وشاركك أحدهم تفاصيل حياتك إلى حد جعلك ترى كل الأشياء حولك وعليها تعليقاته؟ هل حدث وشاركك أحدهم خبايا روحك، مخاوفك، فرحك، آلامك، وشاركت أنت في نفسك حتى بت غريبًا عنك تحتاج العون منه كي يرشدك في كونك أنت؟
أعتقد أننا جميعًا اقتربنا أكثر مما يلزم على الأقل مرة واحدة في حياتنا.. أو تركنا الآخرين يقتربون.. النتيجة أن في النهاية القرب حدث.
يقولون إن الاتحاد قوة، أن تتحد أنت وأي شخص قوة، أعترف أن هذه حقيقة، ولكن الفرق بين الاتحاد والتوغل كبير، كبير حد الدمار الداخلي للذات، عليك حين تتحد مع أحدهم أن تنتبه لهذه الخطوة وإلا تم تدميرك. لا أعلم حقًا إذا كنت أنت المدمر، أم أنك الذي تم إفساد حياته أم أنك الاثنين معًا!
أعترف أنه تم تدميري أو ربما أنا من سمحت للدمار أن يحدث، كما قلت لك لا يهم من أحدث الدمار، ما يهم أن الدمار قد حدث بالفعل.
يقولون إن الارتباط الوثيق يحدث بين الرجل والمرأة فقط، لماذا لم يذكر أحد الارتباط الوثيق الذي يحدث بين الأصدقاء؟
العزيزة ليليان، أقرب صديقاتي والتي قضينا من العمر معًا عشر سنوات، نحلم معًا، نفكر معًا، نتسكع، نحزن، نفرح، نبكي، نرقص، نختبر الحياة معًا، نصنع المشكلات معًا، نحب ونكره الأشخاص ذاتهم ونحب الأشياء ذاتها بنفس الطريقة.. كم قضينا من العمر معًا نلتقي ونفكر، نلعب ونخطط. هل كل هذا كان هباءً منثورًا؟ ما الذي حدث؟ أتساءل؟
هل كل هذا كان وهمًا؟ لماذا بدأت ليليان بالابتعاد وعند سؤالها في كل مرة تقول إنه لا شيء، بل هناك شيئًا كبيرًا.. أستطيع أن أشعر به، لم يكن لدي أي مانع في وجود سبب واضح، لم أكن أمانع أن ترفضني، ولكن الأمر بات معقدًا جدًا، هي تقول إنه لا شيء ولكن أشعر بشيء لا أعلمه ولكن أشعر به.
حاولت أن أعرف بكل الطرق، حاولت كل المحاولات التي أستطيع القيام بها، ولكنها فشلت. عندما تعجز عن إيجاد حلول لتتآلف الأرواح من جديد، تترك الأشياء لتسقط رويدًا رويدًا وأنت لا تستطيع أن تفعل أي شيء إلى أن تفنى العلاقة ولا يبقى منها غير ذكريات تؤلمك والسؤال الأزلي لماذا وصلت الأمور إلى هنا؟
أو الأمر الثاني أن تحاول التمسك بكل ما تستطيع من قوة حتى يسقط الخيط من بين يدك الدامية، ففي النهاية لا يمكن لعلاقة بين طرفين أن يشد خيطها طرف واحد، لأن ببساطة لا يوجد عملية جذب وشد، لتراها تنتهي، يداك دامية وقلبك متألم وروحك بحاجة لترميم.
في النهاية، لو لم يرغب الطرفان في أي علاقة، أياً يكن شكلها، أن تكتمل فلن تكتمل، ستتلاشى للأثنين وسينجرح من تمسك وحده. وهذا كل شيء حدث.
أما ما حدث داخلي كيف يتلاشى.. فكيف تقتل ذاكرتك؟ وكيف للإنسان أن يكون إنسانًا بدون ذكريات؟ ولكن ماذا يفعل بالذكريات المؤلمة؟ وكيف يكون هو دونها؟ فبطريقة ما تشكله حتى وإن آلمته وجعلته دامياً.
لكن في النهاية سيظل الإنسان يتمرد على الألم الذي يشكله على أمل أن يختفي، ولكن لن يختفي.. هو فقط سيخفت بهدوء، إلى أن يكون صوتًا ضئيلاً في الخلفية ومع الوقت ستعتاده.. ربما.. ربما سيختفي في المستقبل ولكن صدقني وقتها ستبدأ بالقلق على ذاتك.
انتهت الصداقة والكلمات لليليان، وصوت الألم خفت... وتلاشى.
أنا قلقة بعض الشيء ولكن ليس للغاية.

Comments

Popular posts from this blog

مشروع الثالثة والعشرون - (15) أعرفه ولا أعرفه!

مشروع الثالثة والعشرون - (14) الغير مناسب في الوقت المناسب

مشروع الثالثة والعشرون - (9) أحلام شريف العشرينية